الأربعاء، 12 مارس 2014

ولد ابابا يتحدث عن الواقع المرير لجامعة انواكشوط....ننشر مقالة ابن النمجاط والكاتب الكبير


 
الكاتب : محمد عبدالله ولد ابابا

لم يكن الفليسوف الوجودي جان بول سارتر، حين رأى بأن " الوجود سابق على الماهية"، يعلم أن جامعة انواكشوط سوف تنسف نظريته، وتنكسها رأسا على عقب.
في العام 2010 طالعتنا الصحف بخبر مفاده أن مرشحا لانتخابات المجلس البلدي في بلد مجاور تقدم بملف يتضمن شهادة الاجازة (المتريز) موقعة سنة 1974 ، حصل عليها من كلية الاداب بجامعة نواكشوط التي لم تنشأ إلا سنة 1982 .
ابْرَافــُو عليك ايتها الجامعة الرائعة، لقد "سبقت وجودك ماهيتك" الفوضوية.


إن اختلافك ليس في نسفك لفلسفة جان بول سارتر فحسب، ولكن في جعلك أسبقية الماهية على الوجود أمرا واقعا.
فإذا كان كارل ماركس –ضمن الاتجاه الواقعي- قد رأى أن "الفلسفة ليست ضرب المذاهب الفلسفية ببعضها البعض، ولكنها الثورة على الواقع بغية تغييره"، ( جعل الفلسفة واقعا متجذرا في الحياة) فأنت من أكبر المقتنعين بفلسقة ماركس أيتها الرفيقة ! لقد ثرت على الواقع من خلال "الفوضى الخلاقة" فخلقت شهادة لطالب قبل أن تخرجي إلى الوجود !
إنها نظرية جديدة: أسبقية الماهية الفوضوية على الوجود الفوضوي نحو مزيد من الفوضوية.
جامعة نواكشوط -لعلمكم- كانت هناك "في المطلق"، قبل أن تكون بشكلها الحالي، وما نراه اليوم ما هو إلا صورة لجامعة فوضوية كانت هنا سنة 1974، تعطي الشهادة لمن يريد وبالتالي فإن شهادة المواطن الشقيق غير مزورة أبدا، ولكنه "تناسخ الأرواح " الفوضوية.

حين همت فرنسا بتطبيق نظام L M D طبقته في البداية في كليات محدودة حتى آتى أكله فعممته، كان الأمر مختلفا حين حاولت جامعة نواكشوط تطبيقته، فطبقته بشكل مرتجل وعام، إن خطأها لا يكمن في أنها طبقته جملة فحسب، ولكنه يتجاوز ذلك إلا أنها لم تضع التصور الكافي له، ولم ترسم الاستراتيجية المناسبة، لهذا لا غرابة إذا صارح أستاذ طلابه قائلا: " أنا لا فكرة لدي عن النظام الجديد".
ما أشبه الغراب بالغراب !​
تقول الحكاية إن غرابا شاهد حمامة تمشي فأعجبته مشيتها لما فيها من ملكية طبيعية ففكر بنفسه وقارن بينه وبينها ووجدها تتميز عنه بالكثير ، فحاول أن يقلد مشيتها، تدرب وتدرب ، وحاول كثيراً أن يتقنها ولم يستطع، فشل فشلاً ذريعاً، ثم أنه عندما يئس، أراد اللعودة لمشيته القديمة .. فأكتشف أنه نسيها أيضاً .
اليوم تدفع جامعة نواكشوط ثمن فوضويتها، التي دفعتها إليه حب التقليد دون التبصر. ومن الحب ما قتل !
قيل لطلاب كلية الآداب حين خرجت نتائج امتحانهم بشكل غير صحيح، "إعملوا الاستدراك وسنصحح نتائجكم".

إنه الطبيب بعد الموت !
ما هي فائدة التصحيح إذا خضع الطلاب للإستدراك الذي يكرهونه من كل قلوبهم ؟
تنفق جامعة نواكشوط عشرات الملايين لتكوين شخصين أوثلاثة في انظمة المعلوماتية بكندا كل سنة، ليخرجوا لها نتائج الطلاب غير مضبوطة.

طلاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية، يعانون مشكلا لا يراد له الحل حيث من المفترض أن يؤخذ عشرة منهم لكل تخصص، بحجة أن ماستر للنخبة ( نخبة لخروطي؟).
إن هذه الجامعة لا تخرج النخب، لأنها ليست لديها الوسائل كما أنه ليس الوسائل لها لفتح ماستر، كما تقول.
نخبة الاساتذة الموريتانيين المبرزين القادرين على تخريج النخبة، و الذين يحترمون أنفسهم ورسالتهم النبيلة، يدرسون اليوم في كبريات الجامعات الأوروبية والأمريكية، لانهم يبحثون عن دور نشر، عن تشجيع البحث، عن "تحقيق الذات" و"الشعور بمتعة الانجاز". فالتستدعهم الجامعة ليخرجوا لها النخب. إنها تستطيع ولكنها لم ترد.
لم تطبق جامعة نواكشوط نظام L M D كما هو متبع في العالم، ولا هي استمرت في النظام القديم.
إن غاية ما حققه من خلال النظام الجديد هو انه اصبح وسيلة للإقصاء، وذريعة للتملص من المسؤولية، استمرارا في فوضوية جامعة نواكشوط التي سبقت ماهيتها الفوضوية وجودها .


محمد عبد الله ولد ابابه/ عضو مبادرة "التسجيل في الماستر حق لكل خريج"
نقلا عن أقلام حرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق